بكيْت في النّهار الف مرة على بلادي العزيزة

هرمنا...هرمنا....من أجل هذه اللحظة التاريخية

رايت هذه اللقطة التي فيها معاني لا يمكن حصرها ولو شاهدناها و نظرنا إليها الف عام ..ولا الخوض في اغوارها بألف كتاب وكتاب.... كنت وشاكر ..أعز اصدقائي ..نحتسي قهوة الصباح في صمت...كنا نحلق في نفس الفضاء ولكن كل على حده...كان عبق قهوتنا يملأ حولنا الفراغ في ذلك الصباح البارد...وكنت امسك بقهوتي بكفيا... فحرارة الفنجان تعطيني بعض الدفء والحال شتاء..وتبعث في ثقة لا أعلم مصدرها...وكنا نشاهد التلفاز المعلق بالجدار...حتى نطق العم أحمد الحفناوي... ذلك التونسي الحر بكلماته الخالده وقال: فرصتكم أيها الشباب التونسي... تستطيعون أن تقدموا إلى تونس ما لم نقدمه نحن...لأننا هرمنا... هرمنا ... من أجل هذه اللحظة التاريخية ... وقد وقفت العبرة بعينه و شهق بغصة احسستها أنا في حلقي... فاضطرب كياني وتشبثت بقهوتي أن لا تقع...وتنسكب علينا... وفي الخضم أهملت دمعة ترقرقت في عيني و سرعان ما تفاقمت فثقلت وفاضت لتسيل على خدي...ولم أدركها لأخفيها ... فسقطت على الطاولة... فرآها شاكر ..وما كنت اريد ذلك.. فأنا لا اخجل من أي شيء في الدنيا كمثل ما أخجل من دموعي...وأنا الرجل الذي مر بالصعاب كلها ولم يهتك ستر دموعه أمام أحد...مشيت على الجرح دهرا ولم تدمع عيني مرة واحدة خارج وحدتي...كيف وأنا ابن بوزيد الغراء مهد الثوره والرجوله...مالي بكيت هذه المرة كالطفل الصغير ... ومن حيث لا أدري...ولم اتمالك نفسي واضطرب عندي كل شيء...حتى أني فشلت فشلا ذريعا في كتم هذه الدمعة الحراء الشقيه....قام شاكر وحمّلني ووضع خده على مجرى دمعتي اليتيمة ..وقال لي بعد ان لثم جبيني: نعمبو الدنيا يا هادي تبكي ؟؟ ماتبكيش يا خويا راك راجل!!..ما تبكيش... توا يشوفو ضعفك...ويصيرو يبكوك بيه....فقلت له بصوت متقطع يدعي القوة والفتوة ..ولا استطيع ربط كلماته ولا حروفه...قلت له: لا يا أخي ...إنا ما بكيت إلا على بلادي ...وخلليهم يعرفو ..ويا ليت يبكّوني في النهار الف مرة على تونس العزيزة الغالية....جلس شاكر وهو ينظر للناحية الاخرى... وعمنا الصمت الثقيل برهة...وبعد أن تمالكت نفسي ارتشفت آخر رشفة من قهوتي وقد بردت...والتفت نحو صديقي الذي قد جلس في مكانه بجانبي ..فوجدته يخفى عني دموعه وقد تجمعت باسفل ذقنه ...ضحكت ضحكة مكلومة.. لست أدري هل كانت فرحا أو حزنا أو هي الإثنان معا...وقلت له " قوم ياشاكر ماعاش بكري عالخدمه ...ومشينا كل في سبيله مسرعين...فواجب العمل لا يطيق الإنتظار ...غادرنا وكان صوت الأستاذ المحامي ناصر العويني الجميل ذو البحة المميزة بينبعث من نفس التلفار يبشرنا نذر النصر تحت غطاء الرصاص المقدس بحضر الجولان..الاستاذ لم يستطع الإنتظار للصباح.. ثم ماذا لو أضفنا للقافلة شهيد ... فنحن قدمنا مهر الخصراء دما قاني ...وقدمنا ...وقدمنا..ومازلنا نزيد...فكسر أستاذنا قيد الحضر وبدأ يصيح بصوته الشجي الجميل في عراء الشارع ...يعري ماض توفي وانتهى... ويزفنا بشرى الحاضر الوليد والمستقبل التليد ..وافرغ الأستاذ شحنة من صدره دامت معه عشرون عام وصار بذلك أيقونة الثورة بلامنازع :

يا توانسة يلي غبنوكم ... يا توانسة يلّي عذبوكم،.. يا توانسة يلّي قهروكم،.. يا توانسة يلّي سرقوكم... تنفسوا الحرية... شعب تونس هدالنا الحرية... يحيا شعب تونس... تحيا تونس العظيمة... المجد للشهداء... يا توانسة ما عادش خوف... المجرم هرب ... بن علي هرب ... اتحررنا والشعب هو اللي يحكم ... يا شعبنا يا عظيم... يا شعبنا يا باهي ... يا شعبنا يا غالي. يا شعبنا يا سمح ... تنفس الحرية ... العظمة لتونس ... البقاء للشعب التونسي ... رانا تحررنا ... وبن علي هرب...

وكان الصوت يخفت شيئا فشيئا بفعل المسافه ولكن صداه يزداد في أعمافنا وفي فضاء الشارع

وفي طريقي ... دندنت بكلمات بيني وبين نفسي وقلتها على وقع ماتبقى من دموعي الحبيسه خجلا من شاكر ...وقد كانت في لحظتها غزيرة حراء ساخنه كما لم تكن أبدا منذ دهر مضى

أمتى تصحى يا تونس ونشوفك بين البلدان نوارة

وامتى ترجعي يابلادي زهرة فوق اعلاها قارة

امتى تصحي يا بلادي ياحبي ياشابه يا مسراره

امتى تصحي ياخضرا يا قمة العالم بناسه وأحراره

فيق ياشعبي يالله راو القطار مشى ودارت ازراره

سامحو ضعفي

بكيْت في النّهار الف مرة على بلادي العزيزة 197846_200263703327947_198907156796935_632264_3915231_a

بكيْت في النّهار الف مرة على بلادي العزيزة 197846_200263703327947_198907156796935_632264_3915231_a

عضوة قديرة مِــزَاجِي :

روعة واحنا والله كمان هرمنا

كلّ الشّعوب هرمت ،،،،،
و إن شاء الله سنسترجع الهمم لنصعد للقمم ^_^

» أغاني عن الجزائر العزيزة
» تهدي كلمت صديقتي العزيزة هي
» علم بلادي اليمن
» ميس شلش: صباح الخير يا بلادي
» نشيد ليبيا يا بلادي رائع