لقد عادت .. لقد عادت .. لقد عادت .. ياسبحان الله !! ماهذا الضيق الذي ينتابني خلال هذا الشهر؟ ..
لكنّي لاأعلم مابي فعلا ...!
أشعر بضيقٍ في أعماق قلبي من شيء مجهول لاأعلم له سبب مقنع !! رغم أنّي لتوّي شربتُ كوبا من القهوة التي كانت تروقني وتجعلني على مزاجٍ جيّد !!
لكن هذه المرّة مع كلِّ جرعةٍ أرشفها أشعر أنّ شيئًا على قلبي يضُمّه ضمّة فتتألّم منها جوارحي !؟ ........
ماذا حصل لي ؟.... ماذا حصل ؟
لم أكن كذلك من قبل هذا... كان الناس يتّخذونني مثلاً يُحتذى به في التبسّم والإنشراح !...
لكن خلال هذا الشهر كل شيء تغيّر ...كلّ شيء ..
أتُراها عينٌ أصابتني كما تردد أمّي دائما !؟ .. أم أنّه مرض خبيث يتغلغل في أعماق القلوب ليسلُبَها حلاوة الإنشراح،ويجعلها حزينة طوال الوقت ؟
!
..آآآآآآآآه ...!!
..
خرجتُ إلى حديقة منزلي علّ بعضَ نسيمها يزيلُ ولو جزءًا بسيطا من هذا الهم الكبير الذي يحتويني ــ ولاأعلمُ له سببا ــ .. !
أشعر أنّ قلبي قد ذبُل لأقصى حد ، وقد شارف على الهلاك............؟
شربتُ القهوة .. استجممتُ في الحديقة.. أكلتُ أشهى الأطباق..ذهبتُ لحديقة الحيوان ، وكذلك لمدينة الملاهي .. وأهلي يحتوونني بكلِّ حب وحنان .. وووووو ........
كلّ هذا ومع ذلك " مازال !! مازال ذلك الهم يحيط بي من كلّ جانب من جسدي المتهالك (آآآآآآآآآآآآآه ) كم أودّ البكاء ؟!
إنّ ألف فتاة تتمنّى أن تعيش هذا العيش الذي أعيشه .. لكنّي الآن " حزينـــة " دون أن أعلم السبب (وهذا مايحمِلُني على البكاء فعلاً) ..!! كلّ شي في عيني فقد جماله ، فقد ألوانه،فقد بريقه .. كلّ شي .. كلّ شي ..
.. !
وفي يومٍ كئيب ، ذهبتُ لطبيب القلب وقد أيقنتُ أنّه قد أصاب قلبي شيءٌ مجهول ..!
أجاب الطبيب بكلّ برود وبعد انتهاء الفحص: قلبكِ سليمٌ ياسيّدتي !!
.... كم وددتُ أن أقضيَ عليه بقبضة يدي وأسحقه سحقا ..!
صحتُ في وجهه ــ ودون أدنى حياء ــ : كيف تقولُ سليم بكلّ هذه البساطة ! أعدِ الفحص مرّةً أخرى .. واضحٌ أنّكَ أخطأتَ في التشخيص !!...
صاح بي وقد اغتاض من أُسلوبي الفض (ولاألومه) : أتظُنينني أصبحتُ طبيبا بالصدفة!.. أرجوكِ ياسيّدتي لاتُملي لي مايجب عليّ فعله .. تفضّلي بالخروج فهناك الكثير ممن ينتظرون دورهم !!!....
في أثناء عودتي للمنزل (وقد كنتُ في السيارة) هَلَكَ عقلي من كثرة التفكير الذي بدأ يُثير الصداع في رأسي ..
قلتُ بصوتٍ عالٍ لأبي الذي كان يقود السيّارة :
" أبي .. !! إذهب لأقرب طبيب نفسي حاااااالا " !!!!!!!!!!! .....ــ قلتها بأسلوبٍ يُنافي الأدب والإحترام ــ !!
!
علِمَ أبي أنّي لستُ على مايُرام فعلا .. لأنني عندها أجهشتُ بالبكاء فجأةً وكأنّي طفلٌ صغير أضاع أمه ..
ثمّ بَدَأتْ تتسرّب لعقلي أفكارٌ شيطانيّـة بدَتْ لي أنّها تروقني كالإنتحار مثلا !! ..
.. لم أدري إلاّ وقد تسرّبَ النعاس لعيني ورحتُ أغطّ في نومِ عميييييييق ..............................
استيقَـظْتُ الساعة الخامسـة والظلامُ يعمّ في أرجاء غرفتي ..وقد شعرتُ أنّ الدنيا لم تَعُد تسَعُـني من الضيقِ الشديـدٍ الذي في صدري .. أمسَكْتُ برأسي وبدأتُ بالنحيبِ ..
أضأتُ المصباح الذي بقُربي ، ورُحْتُ أتَأمّلُ في أنحاءِ الغرفة وقد تسرّبَ لهـا ضوءٌ يسير..
وبينما أنا أتَـأمّلُ بيـن الحياةِ والموت ، سقَطَتْ عَينـي على شيءٍ جعلَ جسدي يرتعشُ فجأةً !!
.. نعـم يرتعش ..!
عمّ الهدوء المكان بعد صوتِ أنيني ..
.. ودون سابق إنذار ، ارتسَمتْ على شفتي ابتسامةٌ مشتاقة !!..
ابتسامةٌ لطالما نسيتُ لذّتها ..
ابتسامةٌ أعادتْ الحياة إلى كل خليّة من خلايا جسمي المتهالكْ..