الحجامه..وتاريخها..وفوائدها..معلومات
--------------------------------------------------------------------------------
1- تاريخ الحجامة:
الحجامة هي من أقدم الممارسات الطبية التي عرفها الإنسان منذ القدم، ولقد استخدمها قدماء المصرين والأشوريين والصينيين، وانتشرت في كل أركان الأرض، وكانت موجودة في جزيرة العرب قبل البعثة، وأثناء البعثة وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وظلت هذه الطريقة العلاجية البدائية متفشية كواحدة من أهم الوسائل الطبية، ولكنها بدأت تنحصر وتنزوي في بعض المجتمعات المغلقة والمتخلفة بعد بزوغ شمس الطب الحديث، وأخيرًا بدأت تطل برأسها مرة أخرى على استحياء من خلال موضة ما يسمى بـ"الطب البديل"، وكذلك من خلال إعادة بعث ما يسمى بـ"الطب النبوي". ولعل الصينيين وحدهم هم الذين ظلوا يحافظون على الحجامة منذ القدم وحتى الآن كعمود من أعمدة الطب الصيني الغامض، بالإضافة إلى الإبر الصينية وطب الأعشاب.
ولسنا هنا بصدد تقييم الطب الصيني، ولكننا باختصار نرى أن هذا الطب الذي بدأ قبل الميلاد بآلاف السنين واستمر حتى يومنا هذا كطب مستقل عن الطب الغربي أو الحديث، لم يحقق نجاحًا مرضيًا بالقدر الذي نستطيع أن نعتمد عليه لعلاج حالة مرضية معينة بنسبة نجاح محددة ودون الاستناد إلى وسائل طبية أخرى مساعدة، وذلك لأن هذا الطب لا يعتمد على أسس علمية وتجريبية بقدر ما يعتمد على أسس فلسفية وروحانية ونظريات افتراضية لم نتمكن حتى الآن من إثباتها بطريقة علمية ملموسة، وذلك مثل نظرية الطاقة الشهيرة، ونظرية السالب والموجب، وغيرها.
2-أنواع الحجامة:
هناك نوعان من الحجامة: الحجامة الجافة، والحجامة الرطبة. فأما الحجامة الجافة فهي عن طريق استخدام الكاسات المفرغة من الهواء والتي توضع على أجزاء معينة من الجسم فتؤدي إلى سحب الدم إلى المنطقة السطحية من الجسم، ولا تختلف نظرية الحجامة الجافة عن مجرد تدليك الجسم "المساج"، أو حتى الهرش لمنطقة الألم، حيث يؤدي ذلك إلى شعور المريض ببعض الراحة والاسترخاء وتقليل نسبي ووقتي للألم الموجود بالمنطقة المحجومة، دون أن يكون لهذا العمل أدنى تأثير في مسببات المرض الحقيقية والتي يكون "الألم" مجرد واحد من أعراضها.
وأما الحجامة الرطبة – وهي لب القصيد – فإنها لا تختلف عن الحجامة الجافة، إلا في تشريط الجلد بعد عمل الحجامة الجافة لإتاحة الفرصة لخروج كمية من الدم تتراوح ما بين 100 سم إلى 150 سم من الدم. وتتمحور فلسفة الحجامة الرطبة على هذين العملين: تشريط الجلد واستخراج كمية من الدم من موضع الحجامة، وهما العملان اللذان بُنيت على أساسهما كل نظريات الحجامة، وكل محاولات إيجاد أساس علمي لها.
3- نتائج الحجامة:
الحجامة - من وجهة نظر الحجامين – مدرسة طبية جامعة. فهي من الوسائل العلاجية الفذة التي تستخدم تقريبًا في علاج كل الأمراض ابتداءً بمرض الصداع وأمراض الروماتيزم، ومرورًا بالسكري والضغط، وانتهاءً بالسرطان والإيدز. أما أعجب استخدام للحجامة فهو استخدامها في علاج مرض سيولة الدم الذي لو أصيب فيه المريض بخدش فقد ينزف حتى يفارق الحياة، ولكن خدوش الحجامة شيء عجيب، فهي لا تسمح بحدوث النزيف، ولم لا وهي تسمح بمرور كرات الدم الحمراء إلى خارج الجسم دون الكرات البيضاء!!. والأعجب من هذا وتلك أن الحجامة تعالج الشيء وضده، فإذا استخدمت – على سبيل المثال – في علاج مرضى الضغط المرتفع فإن ضغطهم ينخفض، وإذا استخدمت في حالات الضغط المنخفض فإن الضغط يرتفع، وكذلك الحال في زيادة أو نقص الخضاب (الهيموجلوبين).. وهكذا.
--------------------------------------------------------------------------------
النتائج في الحجامة – شأنها شأن كل مفردات الطب البديل – لا تخضع لمنهج علمي منضبط.
--------------------------------------------------------------------------------
أما نتائج الحجامة الواردة على ألسنة الحجامين فحدّث ولا حرج، فلقد شفي جميع المحجومين تقريبًا من كل الأمراض التي ألمت بهم، أو على الأقل تحسنت أحوالهم الصحية والنفسية إلى حد بعيد بعد الحجامة!.
والنتائج في الحجامة – شأنها شأن كل مفردات الطب البديل – لا تخضع لمنهج علمي منضبط يتم فيه علاج عدد محدد من المرضى بمرض معين عن طريق الحجامة، ويُعالج عدد مماثل من المرضى بنفس المرض بطرق أخرى من طرق الطب الحديث، ثم تُخضع النتائج لمنهج إحصائي منضبط وتنشر في مجلة طبية معتبرة. وهذا ما لا يحدث أبدًا، وفي حدود ظني أنه لن يحدث أبدًا. وبكل أسف فقد جنَّد بعض كبار الحجَّامين من غير الكادر الطبي عددًا من الأطباء، بل ومن أساتذة الطب، للدعاية للحجامة وكتابة التقارير وعمل التحاليل اللازمة قبل وبعد الحجامة، والتي تثبت أن الحجامة كان لها فعل السحر في علاج كل الأمراض بإقرار أساطين الطب، بل الأدهى والأمر أن عددًا من الأطباء قد انضموا إلى ركب الحجَّامين وتتلمذوا على أيديهم دون أي قناعة ودون أي سند علمي أو شرعي.
4- الحجامة في السنة النبوية:
والحجامة عمود أساسي من أعمدة الطب النبوي إن لم تكن ذروة سنامه، وهي من الوسائل الطبية التي امتدحها الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث ورد في الحديث الصحيح: "خير ما تداويتم به الحجامة". وهناك ما يزيد على سبعين حديثًا نبويًا في الحجامة تختلف اختلافًا متباينًا في صحتها وضعفها، كما أن بعضها يختلف مع بعضه في المعاني والمقاصد، لدرجة أن مثل هذه الأحاديث يقع تحت بند "مُختلف الحديث". وبالرغم من هذا التباين في الصحة والضعف والمعاني والمقاصد، إلا أن الإخوة الحجَّامين لا يشغلهم ذلك ويتعاملون مع كل هذه الأحاديث على قدم المساواة، فيأخذون منها ما يتفق مع توجهاتهم ومصالحهم، ويتركون ما يتعارض مع هذه المصالح والتوجهات، بغض النظر عن الصحيح والضعيف والمختلف والمدسوس. وهذا ما سنأتي على تفصيله الآن.
5- مواعيد الحجامة الإسلامية:
هناك مواعيد للحجامة سنوية وفصلية وشهرية وأسبوعية، بل ويومية، وكل هذه المواعيد مدعومة بأحاديث نبوية شريفة. فهناك الأحاديث التي تُحبذ جعل الحجامة عادة سنوية، وهناك الأحاديث التي تحبذ إجراء الحجامة مع بداية الحر أي في فصل الربيع، كما أن هناك أحاديث تحدد أيامًا معينة في كل شهر قمري لإجراء الحجامة، وهناك الأحاديث التي تأمر بالحجامة على الريق، وإذا كانت هذه الأحاديث قد تباينت في صحتها وضعفها، إلا أن الأحاديث التي وردت بشأن أيام الأسبوع المحبذة وغير المُحبذة لإجراء الحجامة تتجاوز قضية "الصحيح والضعيف" لتدخل في منعطف "مختلف الحديث"، حيث إننا لو أخذنا بجملة الأحاديث الخاصة بأيام الأسبوع لوجدنا أن الحجامة منهي عنها تقريبًا في كل أيام الأسبوع، اللهم إلا يوم الاثنين، فعلى سبيل المثال هناك حديث جامع أخرجه ابن ماجه عن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "الحجامة تزيد الحافظ حفظًا، والعاقل عقلاً، فاحتجموا على اسم الله تعالى، ولا تحتجموا الخميس والجمعة والسبت والأحد، واحتجموا الاثنين، وما كان من جذام ولا برص إلا نزل يوم الأربعاء".
وبالإضافة إلى اختلاف الأحاديث في شأن الأيام فإن الأمر يتعدى ذلك ويصل إلى مرحلة وجود أحاديث تختلف في أمر اليوم الواحد ما بين تحبيذ وعدم تحبيذ الحجامة في يوم معين، وذلك مثل يوم الخميس والثلاثاء.
وفي الحديث الشريف: "احتجموا يوم الاثنين والثلاثاء ولا تحتجموا يوم الأربعاء". وفي المقابل فقد روى أبو داود في سننه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كره الحجامة يوم الثلاثاء فقال: "يوم الثلاثاء يوم الدم، وفيه ساعة لا يرفأ فيها الدم".
ولقد أراح بعض كبار الحجامين المعاصرين أنفسهم وقالوا: إن الأحاديث الواردة بشأن أيام الأسبوع كلها مدسوسة ولا يؤخذ بها.
وبغض النظر عن قضية "أيام الحجامة"؛ فلقد اطلعنا في بعض كتب الحجامة الإسلامية على محاولات لإضفاء صفة "الشرعية العلمية" على الأحاديث التي تحدد مواعيد سنوية وفصلية وشهرية للحجامة، فأشاروا إلى أن ركود الدم وهيجانه وكثرة الشوائب والأخلاط بالدم إنما تحدث في أوقات محددة، وأنها ترتبط بدرجة حرارة الجو ودرجة نشاط الإنسان، بل إنهم ربطوا بين هذه المسائل وبين حركة القمر الشهرية، وفي حدود علمنا فإن حركة القمر لها علاقة بالمد والجزر في البحار، ولكننا لا نعرف مدى صحة علاقة هذه الحركة بركود الدم وهيجانه وبكمية الشوائب والأخلاط في الدم، ولقد سبق أن نقضنا هذه النظريات من حيث المبدأ.
6-أماكن الحجامة الإسلامية:
الثابت أن الرسول صلى الله عليه وسلم احتجم في أماكن محددة ذكر منها ابن القيم: الكاهل والأخدعين، والرأس، والورك، وظهر القدم. أما نقرة الرأس أو نقرة القفا ففيها خلاف؛ ففي حديث: "إن فيها شفاء من اثنين وسبعين داء". وفي حديث آخر أنها تورث النسيان.
7-تقييم الحجامة الإسلامية:
لم تكن الحجامة على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم مرشحة لعلاج كل الأمراض كما هو واقع الحال الآن، فالتطبيق العملي للحجامة في هذا العهد كان يتمثل في أن الرسول صلى الله عليه وسلم احتجم أو أمر بالحجامة في الأحوال المرضية الآتية:
1- نبيغ الدم أو هيجانه وهو ما يعرف الآن بارتفاع ضغط الدم.
2- تسكين الألم في أجزاء الجسم المختلفة. فالثابت أن الرسول صلى الله عليه وسلم احتجم على الرأس من صداع في رأسه، واحتجم على الكاهل والأخدعين والورك وسطح القدم لتهدئة الألم في هذه الأماكن، وذلك بالطبع بغض النظر عن السبب الحقيقي لهذه الآلام والذي لم يكن معروفًا في ذلك الزمان.
3- إخراج السموم من الجسم، فلقد احتجم الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر أصحابه بالاحتجام بعد أن أكل من الشاة المسمومة في خيبر هو وأصحابه.
4- الاحتجام على سبيل الوقاية، حيث قال صلى الله عليه وسلم: "هي من العام إلى العام شفاء". وقال: "نعم العادة الحجامة".
والشيء المدهش – حقًّا – أن استخدام الرسول صلى الله عليه وسلم للحجامة لم يخرج أبدًا عن الإطار الذي وضعها فيه الطب الحديث، فنحن نقر أن استنزاف الدم وسيلة من وسائل تخفيض الضغط المرتفع، ونقر أن الأثر الذي تتركه الحجامة هو مثل أثر التدليك أو المساج، وهو وسيلة من وسائل تخفيف الإحساس بالألم في أماكن الحجامة، ونقر أيضًا بأن استخراج الدم بعد التسمم هو طريقة مفيدة، بل ما تزال تستخدم حتى الآن بعد لدغات العقارب والثعابين السامة.
وأخيرًا فإنه إذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد حبب في اعتياد الحجامة حتى دون مرض، فإننا نشير إلى أن الطب الحديث يؤكد على هذه العادة وينصح بها، ولكن في صورة عصرية – لا تفيد الشخص نفسه فحسب بل تفيد المجتمع كله – ألا وهي التبرع بالدم.
إذًا هذا هو الحجم الحقيقي للحجامة الآن، وهو تقريبًا نفس الحجم الذي وضعها فيه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم منذ أكثر من 1400 سنة. فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمر مثلاً بالحجامة في الأمراض المعدية أو النزيف أو كعلاج للمفؤود أو المبطون أو في ذات الجنب، وغير ذلك من الأمراض التي كانت معروفة على عهده، ناهيك عن الأمراض التي لم تكن معروفة في ذلك الزمان.
--------------------------------------------------------------------------------
الطب الحديث يؤكد على الحجامة وينصح بها، لكن في صورة عصرية – لا تفيد الشخص نفسه فحسب بل تفيد المجتمع كله – ألا وهي التبرع بالدم.
--------------------------------------------------------------------------------
أما حجامو هذا الزمان فإنهم لم يلزموا أنفسهم بشيء من سنة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في الحجامة إلا اسمها، فهم يمارسون الحجامة في كل وقت وزمان دون التقيد بالمواعيد الواردة في السنة، ويحجمون في كل مكان بالجسم دون التقيد بالأماكن الواردة في السنة، ويحجمون في كل الأمراض دون التقيد بالإطار الذي وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم للحجامة، وهو نفس الإطار في مفهوم العلم الحديث. فهم يحجمون تحت شعار السنة ولكن داخل عباءة الطب الصيني والشعبي.
إن الحجامة هي أخطر الممارسات التي تمارس تحت شعار "الطب النبوي"، فالحجامة وهي عمل "شبه جراحي" يقوم به في الغالب أشخاص غير مؤهلين للعمل الطبي مثل المشايخ والدعاة وأنصافهم والحلاقين والعشابين وغيرهم، ويتم ذلك في أمكان غير مخصصة للعمل الطبي مثل المنازل والمساجد ودكاكين الحلاقة ومحلات العطارة وغيرها.
بل إنه لمن المحزن حقًا أن كثيرًا من الأطباء الذين امتهنوا هذه المهنة لا يتوخون الإجراءات الطبية السليمة..
منقوووووووووووول.....