سورة العاديات
بسم الله الرحمن الرحيم
{وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1) فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2) فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4) فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5) إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (7) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (
أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11)}
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* بين يدي السورة:
مكية / مدنية:مكية
الترتيب في المصحف:100
الترتيب في النزول:14
عدد آياتها:11
عدد كلماتها:40
عدد حروفها:164
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* سبب النزول: لا يوجد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*التفسير:
{ وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا (1) }
العاديات : جمع عادية ، اسم فاعل من العدو ، وهو المشى السريع.
والضَّبْح : اضطراب النَّفَسِ المتردد فى الحنجرة دون أن يخرج من الفم ، والمراد به هنا : صوت أنفاس الخيل عند جريها بسرعة . وقيل : الضج نوع من السير والعدو ، يقال : ضَبَحَتْ الخيل ، إذا عدَتْ بشدة.
معنى الآية: أقسم الله تعالى بالخيل الجاريات في سبيله نحو العدوِّ، حين يظهر صوتها من سرعة عَدْوِها.
وقد أقسم - سبحانه - بالخيل المستعملة للجهاد فى سبيله ، للتنبيه على فضلها ، وفضل ربطها ، ولما فيها من المنافع الدينية والدنيوية ، ولما يترتب على استعمالها فى تلك الأغراض من أجر وغنيمة ، ومن ترويع لجموع المشركين ، وتمزيق لصفوفهم .
تنبيه: لا يجوز للمخلوق أن يقسم إلا بالله، فإن القسم بغير الله شرك.
.................................................. .............
{ فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا (2) }
الموريات : جمع مُورِيَة ، اسم فاعل من الإِيراء ، وهو إخراج النار ، تقول : أَوْرَى فلان ، إذا أخرج النار بزند ونحوه .
والقَدْح : ضَرْب شىءٍ لكى يخرج من بينهما شرر النار .
معنى الآية: فالخيل التي تخرج النار من أثر احتكاك حوافرها بالحجارة خلال عدوها بسرعة.
.................................................. .........
{ فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا (3) }
أي: فالخيل المغيرات على الأعداء عند الصبح.
قال الألوسي : هذا هو المعتاد في الغارات ، كانوا يعدون ليلا لئلا يشعر بهم العدو ، ويهجمون صباحا ليروا ما يأتون وما يذرون.
وأسند - سبحانه - الإِغارة إلى الخيل - مع أنها في الحقيقة لراكبيها - لأن الخيول هي عدة الإِغارة ، وهى على رأس الوسائل لبلوغ النصر على الأعداء .
.................................................. ....
{ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا (4) }
فأثرن: أي هيَّجْنَ
النقع : أي التراب والغبار
والمعنى: فهيَّجْنَ بهذا العَدْو- شدة الجري- غبارًا.
.................................................. ...
{ فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا (5) }
أي: فتوسَّطن بركبانهن جموع الأعداء. وأصبحن وسط المعركة.
.................................................. ....
{ إِنَّ الإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (7) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (
}
كنود : أي كفور جحود لنعمة الله ، من كند النعمة إذا كفرها ولم يشكرها ، قال الشاعر :
كنودٌ لنعماء الرجال ومن يكن * كنودًا لنعماء الرجال يبعد
والمعنى:إن الإنسان لِنعم ربه لَجحود، وإنه بجحوده ذلك لمقرٌّ وشهيد. وإنه لحب المال لشديدٍ .
.................................................. ..
ثم بعد أن عدَّدَ الله تعالى عليه قبائح أفعاله من جحود للنعم وحب للمال وحرص على جمعه، خوَّفه الله تعالى فقال :
.................................................. ....
{ أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) }
بعثر: أي أثير وقلب ، من بعثرت المتاع إذا جعلت أسفله أعلاه .
ومعنى الآية: أفلا يعلم الإنسان إذا أُثير ما في القبور وأخرج ما فيها من الأموات للعرض والحساب ؟
.................................................. .......
{ وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) }
أي : واستُخرج وأُبرز ما في الصدور ، من الأسرار والخفايا التي كانوا يسرونها .
.................................................. ..
{ إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11) }
والمعنى : إن ربهم بهم وبأعمالهم يومئذ لخبير، لا يخفى عليه شيء من ذلك.
وإنما خص علمه بهم في ذلك اليوم - يوم القيامة - لأنه يوم الجزاء ، بقصد الوعيد والتهديد ، وهو تعالى عالم بهم في ذلك اليوم وغيره .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* البلاغة:
تضمنت السورة الكريمة وجوها من البديع والبيان نذكر منها يلي :
1- التأكيد بإن واللام في مواضع [ إن الإنسان لربه لكنود ] [ وإنه لحب الخير لشديد ] [ إن ربهم بهم يومئذ لخبير ] زيادة في التقرير والبيان
2-الجناس غير التام بين [ لشهيد ] و[ لشديد ] وكذلك [ ضبحا ] و[ صبحا ] لاختلاف بعض الحروف.
3-الاستفهام الإنكاري للتهديد والوعيد [ أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور ] ؟
4-التضمين [ إن ربهم بهم يومئذ لخبير ] ضمن لفظ [ خبير ] معنى (المجازاة) أي يجازيهم علي أعمالهم السيئة التي عملوها.
5-توافق الفواصل مثل [ شهيد ، شديد ] و[ الصدور ، القبور ] الخ . ويسمى " السجع المرصع " وهو من المحسنات البديعية.
*** تمت بحمد الله ***
