رمضان .. زمان
رمضان .. زمان
زمان كان رمضان احلى ، كان اجمل وكان انقى ، كان طويلا ربما وكان قاسيا .. نعم كان كثيرا ، فالصيام على البيدر او وقت الحراث كان اصعب .زمان كان لرائحة "الطبايخ " المنبعثة من الشبابيك والمنتشرة في الطرقات رائحة ازكى ، كنت أستطيع تمييز كافة الأكلات ابتداء من الملفوف وانتهاء بصواني الدجاج ، اليوم لا استطيع ان اميز رائحة السمك ، فالمأكولات باتت بلا رائحة وبلا طعم او نكهة .
مذاق السوس والقمر دين والتمر هندي في أفواهنا كان أطيب ، وتزاحم الناس على أبواب المخابز لم يكن أنذاك للخبز فقط كان حجة للتآلف والتعارف ، كان الناس وقتها أصدق واروع وكانت النفوس اجمل .
زمان كانت لمة الافطار تضم الأهل والجيران واحيانا عابري السبيل ، لمة على لقمة خبز محشوة ببركة خير وبركة نفس وطيب ، اليوم نصنع الولائم كوسيلة اغراء لتحقيق لمة أسرية لمرة واحدة ، فنفشل مع ولائمنا ، بتحقق نصاب غير قانوني ، ففرد او اكثر منا غائب او متغيب .
زمان وفي رمضان كانت ابواب جهنم تغلق والشياطين تسجر وتحبس وتفتح أبواب الرحمة ، لا شياطين من الانس ولا الجان ، في حين اليوم يبقى شياطين الانس في كل مكان فلا حبس يضمهم ولا شهر يمنعهم .
زمان كانت الانوثة وسحرها تغيب عن رمضان فللشهر قداسة ، ولمشاعر الصائمين قدسية ، لم يكن وقتها شيء يسعفنا لنمتحن فيه مشاعرنا ونتفحص فيه امكانياتنا سوى التخيل لمنظر سبق ان شاهدناه فأغرانا وأثارنا ، وماذا تتخيلون انه سيكون ؟! ليس الا ضحكة أظهرت غمازا فافتننا او مشهد فتاة مرتدية "نص كم" فانكشفت سواعدها وأطراف من العضد ، اليوم ربما أصبح الشهر مدعاة للتبرج اكثر وللزينة المبالغ فيها ، بالمختصر "زادت فيه قلة الحيا" فلا قداسة ولا قدسية تردع ولا حاجة للتخيل ، حتى تخيلاتنا أضاعوها .
زمان كان للشهر مذاق أشهى ، كان للجوع طعم ازكى ، حتى العطش وقتها كان رطبا ، كانت احلامنا وقتها أبسط وطموحاتنا تحمل نوعا من السذاجة لا بأس بها وحياتنا كانت اكثر فقرا ، لكنه كان اجمل ، فيكفي ان صيامنا فيه كان أصدق .
على كل حال ...... مبارك عليكم الشهر مقدماً..