بقلم/ أ. مهنا نعيم نجم .
هذه كلمات ووصايا كتبتها تذكيراً ونصحاً لكِ وبراءةً للذمة، أسأل الله عز وجل أن تصلكِ رسالتي وأنتِ في أتم نعمة وعافية وصحة.
بداية أذكركِ بضرورة الإخلاص لله، وليكن طلبكِ للعلم من أجل نصرة دين الله، فاحذري أن يكون طلبكِ للعلم الشرعي خاصّة لوظيفة أو لدنيا فقد قال الله عز وجل: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ} [هود15] ,وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال (تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة تعس عبد الخميلة تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش) حديث صحيح ,فاحذري من هذا رزقني الله وإياكِ الإخلاص.
آختي طالبة العلم: اعقدي العزم والنية أن ترفع الجهل عن نفسكِ لتعبدي الله على بصيرة وأن ترفعي الجهل عن الأمة لتعلميهم دين الله عز وجل. واعلمي أن حفظ كتاب الله عز وجل أجر وفضل وغنيمة، ولكن العمل بكتاب الله فرض وواجب عليكِ، فإنا نرى أقواماً في هذا الزمان جعلوا حفظه فرضاً والعمل به فضلاً، فاحذري من هذا ؛لأن هؤلاء قد عطلوا كثيراً من النصوص.
وأُذكركِ بقول الصحابة رضوان الله عليهم: (كنا نتعلم عشر آيات من القرآن لا نجاوزها حتى نفقهها ونعمل بها)فلله درُ أولئك كيف سمعوا فعقلوا وفهموا وعملوا.
أختي طالبة العلم: إياكِ ثم إياكِ من التقليد فإنه داءٌ عضال، وعليكِ بالكتاب والسنة على فهم سلف الأمة وإن رفضكِ الناس, قال الإمام الشافعي رحمه الله: (أجمع العلماء سلفاً وخلفاً أن من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجوز أن يتركها لقول أحد) ؛لذا أحذري تقديس الرجال وتعظيمهم واجعل تعظيم كتاب الله وسنة رسول الله مقدمة على الجميع، ولا تهتمي بالأسماء ولا بالمسميات.
ثم أحذري العجب بالنفس والغرور فإنه مهلكة الصالحين واعلمي أن أهم المهمات وأوجب الواجبات هو التوحيد فاجعلي جُلَّ اهتمامكِ به، تعلَّمه علماً وعملاً ودعوةً فإن قدوتكِ محمد صلى الله عليه وسلم كان جُلَّ دعوته.
ثم إياكِ والكذب, فكوني صادقة مع إخوانكِ والناس، فإني رأيتِ أُناساً الكذب ديدنهم والتورية معروفة عنهم، يقولون لكِ كلاماً ويقولون لإخوانكِ كلاماً، يثبتونه هنا وينكرونه هناك، فاحذري هؤلاء ولا تجالسيهم فإن الجليس له تأثير على الصاحب.
يا طالبة العلم: إن من حولكِ يرونكِ قدوة لهم فلا تكن تصرفاتكِ مثبطةً لهم, واحذري أن تعتذر بأعذار لا تُقبل وكن صريحاً فإن الله مطلع عليكِ ويعلم السرائر.
واعلمي - حفظكِ الله- أن مجرد كتمان الحق قال فيه سبحانه وتعالى: {إِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ*الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [البقرة146-147] ,ولا حول ولا قوة إلا بالله فكيف بمن قال الباطل.
ولقد رأينا أقواماً رزقهم الله علماً وحفظاً ويشار لهم بالبنان قد أصابهم الجبن والخور والخوف، فما فائدة العلم إن لم يُعمل به .
يا طالبة العلم: أقولها لكِ باختصار إن اقتديتِ بنبيكِ عليه الصلاة والسلام في كل شيء وصدعتِ وبَينتِ فسوف تُبتلين والابتلاء على قدر الإيمان، كما أخبر بذلك رب العزّة فقال: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} [العنكبوت2] ,نعم سوف تُهجرين وسوف تُلمزين وتُغمزين، وسوف يُقال عنكِ ويتكلم فيكِ، ولكن اصبري فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا.
أختي طالبة العلم: أحذري دعاة التعايش مع الكفار، أحذري أولئك المتخاذلين المنهزمين أمام أعداء الله، أحذريهم ولا تغترين بكلماتهم المعسولة التي تُدس مع السم الزعاف ولا تغترين بدروسهم وبمن يحضر عندهم، احذريهم أشد الحذر فإن هؤلاء أقل أحوالهم مثل أهل البدع، وقد حذرنا سلفنا الصالح من أهل البدع، وطالعي إن شئتِ على سبيل المثال كتاب (إتباع لا ابتداع - لشيخنا حسام الدين عفانة) .
يا طالبة العلم: ليكن لكِ وقت تخلو فيه مع ربكِ وتقرأ كلامه وتناجيه وتتضرع إليه فإن الدعاء من أعظم العبادة كما صح عنه عليه الصلاة والسلام: (الدعاء هو العبادة) حديث صحيح ,فأدم النظر في كتاب ربك عز وجل وفي سنة نبيك عليه الصلاة والسلام وتأملهما جيداً فإن فيهما خيراً كثيراً.
أسأل الله سبحانه أن يرزقكِ وإيانا الإخلاص والعمل بالسنة النبوية، وأن يجعلكِ مباركاً أينما كنتِ وأن يجعلكِ ممن يقول كلمة الحق. لا يخشى في الله لومة لائم .