ن
تحدث في هذه القصة بلسان الأم
تبدأ القصة بكوني أعشق النوم بين أطفالي الثلاثة أسماء وعائشة وهذا الطفل الصغير وكثيرا ما كنت أهرب من غرفة نوميً لأحشر نفسي بقامتي الطويلة في سريرهم الصغير ..كانوا يسعدون بذلك وكنت في الحقيقة أكثر سعادة منهم بذلك بالطبع كان لابد من حكايات أسلي بها صغاري ..كانت أسماء بنت الثمانية أعوام تطالبني دائما بأن أحكي لها قصة سيدنا يوسف وأما فاطمة فكانت تحب سماع قصة موسى وفرعون أو الرجل الطيب والرجل الشرير كما كانت تسميهما هي وأما صغيري فكان يستمع دون اعترض لأي حكاية أحكيها سواء عن سيدنا يوسف أو عن سيدنا موسى
ذات ليلة سألت سؤالي المعتاد سيدنا يوسف أم سيدنا موسى ..صاحت كل واحدة منها تطالب بالحكاية التي تحبها .. فوجئت به هو يصيح مقاطعا الجميع
عمر ابن الخطاب
تعجبت من هذا الطلب الغريب فأنا لم أقص عليه من قبل أي قصة لسيدنا عمر بل ربما لم أذكر أمامه قط اسم عمر ابن الخطاب ..فكيف عرف به ؟ ..وكيف يطالب بقصته لم أشأ أن أغضبه فحكيت له حكاية عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه حدثته عن خروجه بالليل يتحسس أحوال رعيته وسماعه بكاء الصبية الذين كانت أمهم تضع على النار قدرا به ماء وحصى وتوهمهم أن به طعاما سينضج بعد قليل ليسدوا به جوعهم ..حدثته كيف بكى عمر وخرج مسرعا .. ثم عاد وقد حمل جوال الدقيق على ظهره وصنع بنفسه طعاما للصبية فما تركهم حتى شبعوا وناموا.. نام صغيري ليلتها سعيدا بهذه الحكاية .. في الليلة التالية فوجئت بصغيري يعلن أنه سيحكي لنا قصة عمر ابن الخطاب قلت له مستهزئة :أتعرف، أجاب في تحد : نعم لا أستطيع أن أصف دهشتي وأنا أسمعه يحكيها كما لو كان جهاز تسجيل يعيد ما قلته
في ليلة أخرى أحب أن يسمع حكايات ثانية لعمر بن الخطاب ، حكيت له حكاية ابن القطبي الذي ضربه ابن عمر ابن العاص .. وكيف أن عمر ابن الخطاب وضع السوط في يد ابن القبطي وجعله يضرب ابن العاص
في الليلة أعاد على مسامعي حكايتي .. كان قد حفظها هي الأخرى
وهكذا أمضينا قرابة شهر .. في ليلة أحكي وفي الليلة التالية يعيدها على مسامعي
وفي إحدى الليالي فاجأني بسؤال غريب هل مات عمر ابن الخطاب
كدت أن أقول له :نعم مات ، ولكني صمت في اللحظة الأخيرة فقد أدركت أنه صار متعلقا بشخص عمر ابن الخطاب وانه ربما صدمة شديدة لو علم أنه قد مات تهربت من الإجابة في الليلة التالية سألني ذات السؤال فتهربت أيضا من الإجابة بعدها بدأت أتهرب من النوم مع أطفالي كي لا يحاصرني صغيري بهذا السؤال صباح اليوم خرج مع والدته
في الطريق لقي امرأة وعلى كتفها صبي يبكي كانت تسأل الناس شيئا تطعم به صغيرها فوجئ الجميع بصغيري يصيح بها لا تحزني سيأتي عمربن الخطاب بطعام لك ولصغيرك جذبته أمه بعد أن دست في يد المرأة بعض النقود بعد خطوات قليلة وجد شابا مفتول العضلات يعتدي على رجل ضعيف بالضرب بطريقة وحشية صاح صغيري :أحضروا عمر ابن الخطاب ليمنع هذا الظلم فوجئت أمه بكل من في الطريق يلتفت نحوها ونحو صغيري قررت أن تعود إلى المنزل بسرعة لكن قبل أن تصل إلى المنزل اعترض طريقها شحاذ رث الهيئة وطلب منها مساعدة دست في يده هو الآخر بعض النقود وأسرعت نحو باب المنزل لكنها لم تكد تصعد درجتين من السلم حتى استوقفها زوجة البواب لتخبرها أن زوجها مريض في المستشفى وأنها تريد مساعدة
هنا صاح صغيري بها
هل مات عمر ابن الخطاب
عندما دخلت الشقة كان صوت التلفاز عاليا كان مذيع النشرة يحكي مافعله البهود بالقدس
أسرع صغيري نحو التلفاز وراح يحملق في صورة الجنود المدججين بالسلاح وهم يضربون المصلين بقسوة
التفت نحو أمه وهو يقول مات إذن عمر ابن الخطاب
راح يبكي ويكرر مات عمر ابن الخطاب
دفع صغيري باب الغرفة صمتت أمه ولم تكمل الحكاية .. لم أك محتاجا لأن تكملها فقد انتهت
توجه صغيري بخطوات بطيئة مات عمر ابن الخطاب
رفعته بيدي حتى إذا صار وجهه قبالة وجهي رسمت على شفتي ابتسامة وقلت له
..أمك حامل ..ستلد بعد شهرين .. ستلد عمر
صاح في فرح :عمر ابن الخطاب
قلت له : نعم .. نعم ستلد عمر
ضحك بصوت عال وألقى نفسه في حضني وهو يكرر
عمر ابن الخطاب .. عمر ابن الخطاب
حبست دموعي وأنا أترحم على عمر ابن الخطاب
