عذراً دمشقَ الحب
نعَسَتْ خُيوطُ النور في أعماقنـــــا
وتبعثرتْ في ثغرنا الأشعــــــــــــــارُ
ماذا أقولُ ونجمُ ليلي حَائـــــــــــــرٌ
واستوحشتْ من ظلمَتي الأقمَارُ؟
ماذا أقولُ وكل فجرٍ في فمـــــــــي
يشكُوهُ من بُعدِ اللقاء نهَـــــــــــارُ؟
جفَّتْ عُيونُ الياسَمينِ منَ الندى
في روضةٍ شُنِقتْ بها الأزهـــــــارُ
فالبوحُ غضبَةُ شاعرٍ مكبوتــــــــــةٌ
في جوفِ كل قصيدةٍ إعصـــــــــــارُ
عذراً دمشقَ الحُبِّ، عذراً شَامَنَـا
فالشعرُ في زمن الرصاصةِ عـــــارُ
عَامانِ - يا أبتي- وعِرقُ نحورهم
سالتْ بمسكِ دمائها أنهــــــــــارُ
عَامَانِ - يا أبتاهُ - زهرُ طفولــــــةٍ
ما ملَّ من قطفٍ لها بشـــــــــارُ!
عامَان - يا أبتاهُ - في ذبـــحٍ لهم
الموتُ رقَّ وما هفَا الجــــــــــــزَّارُ
"وا ضيعتاهُ" و لا مُجيبَ لصوتِهم
فالمُسلمونَ المُتقونَ عِثــــــــارُ
ما بينَ مُستبقٍ لقصرِ رئاســــــةٍ
و الوَاهميــــــــــــــــــنَ بأنهمُ ثوارُ
كانوا حُمَاةَ الدينِ في زمنٍ مضى
و اليوم أرخـــــــــى عزمَهم دولارُ
نامتْ جيوشُ الفاتحين فلا ترى
جنداً لهم ضدَّ الهوان تثـــــــــــارُ
هذي جنودُ بني المغول تحدَّرتْ
من جنسِ هولاكو أتوا فأغَــــارُوا
لم يسلمِ العِرضُ الشريفُ منَ الأذى
حتى تدنسَ طرفهُ التَّاتـــــــــــــــــــارُ
جرحُ الجسوم على النفوس مُكــدِّرٌ
لكنَّ عرضَ شريــــــــــــــــــــفةٍ أكدارُ
أنَّى التبسمُ والجراحُ عميـــــــــــقةٌ
وأنينُ حزني أنهرٌ وبحــــــــــــــــــــارُ
لن تصرعَ السَّفاح غير شبيـــــــــبةٍ
تهوى المنونَ كما هَوى عَمَّـــــــــــارُ
الروحُ فوقَ أكفِّهم، ونشيــــــــــدُهم:
الموتُ ما نبغي وما نخــــــــــــــــــتارُ
جودي سحابَ الطهرِ غيمَ عذوبــــــةٍ
فالروضُ رغمَ خريفهمْ أزهـــــــــــــــارُ
لتعودَ شامٌ بعدَ طولِ غيــــــــــــــابِها
و يزولَ عن صفوِ الحياةِ غبـــــــــــــارُ.