أخي السجين :-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
وأسال الله العلي القدير أن يفرج همك ، وينفس كربك ، وأن يوسع عليك ضايقتك ، وأن يخلفك خيراً في ما راح من عمرك خلف القضبان .
واسمح لي أن أشاركك معاناتك ، وأن أقف بجانبك ولو لفترة قصيرة من الوقت ، فأنت في النهاية أخي , ولك عليّ حق في أن أمدّ يد العون لك ، ولي حق عليك في أن تقدّر هذا العون ، وأن تجعله محط اهتمامك ، ومحل نظرك , " فالمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر .... الحديث" .
تبقى – يا رعاك الله – ذلك العضو الغالي على مجتمعه ، والذي لا يستغنى ذلك المجتمع عنه مهما تطور أو ارتقى ولن يستغنى عنه بسهولة .
أكتب لك هذه الأحرف من داخل أعماق قلب ذكرك فأحبك فأرخص كل ثمين ليصلك.
أكتبها وأنا في جعبتي الكثير من مشاعر الحب لشخصك الأبي الفذ ، وروحك الصابرة المحتسبة .
أكتبها ومعاني الإسلام السامية شعاري وشعارك ، وهي عنوان لك ولي فلم أخلق أنا وإياك إلا لأجلها ومن أجلها , وأكتبها وأن أعلم بأنك تحاكي نفسك دائماً ، وتجاهدها في لزوم الطاعة وترك المعصية .
أكتبها والندم يحيط بوجدانك ، والحزن يظهر على محياك ، والهم يصارع جوانحك.
أكتبها والأمل يقرب منك ويبعد ، والفرج يسافر عنك ويعود ، وسؤالك دائماً وأبداً متى أنطلق يا رباه ؟ أكتبها وأنا أعلم بأنك تمر بتجربة مريرة صعبة ، وتواجه ظروف قاسية نكده ، وتشعر بالظلمة تحيط بك من كل مكان .
أكتبها لك وأن تشعر بخطاك ، وتحس بجرمك , وتدرك بأنك في حاجة دائمة إلى عفو ربك وغفرانه .
أكتبها لك وأنا ولله الذي لا إله إلا هو أني ما قصدت من كتابتها إلاّ أني أحبك ، وأريد أن تكون أفضل مما أنت فيه ، رجلاً نافعاً لمجتمعك وناسك ، باراً بربك وبوالديك وممن هم حولك ، مؤثراُ تأثيراً إيجابياً على أصدقائك وجلسائك .
أكتبها لك مبيناً نعمة هذا السجن عليك ، وفوائده التي لن تشعر بها إلاّ عندما تكون خارجه بإذن الله تعالى في أقرب وقت بشرط أن تكون التوبة طريقك ، والعمل السامي خطتك ، والجنة بإذن الله تعالى هدفك ومرادك الأخير .
وقد تقول وما هي فوائد السجن التي تتحدث عنها وليس فيه إلا الهم والتعب المرض والعزلة، و كيف لي أن أستخرجها أصلاً وأنا بين قضبان الحديد ، وتحت أعين الجند , أي فوائد في السجن وأنت تعلم بأنه جدار حاجز بيني وبين العالم الخارجي ، وكيف لي أن أستفيد من السجن وأنا أسير الهم ، وحبيس الغم ، ومشرد الأفكار والهواجس ، وجليس الآهات ، وصديق العبرات ، ومقيد بزنزانة الندم التي لا أستطيع أن أحلها بسهولة لأنها أصبحت جزءاً من كياني المقعد ، وجسمي المنهزم ، وحالي الهزيل .