رسولنا محمد- صلى الله عليه وسلم- هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وهو أعرف الناس بالله، وأحب الناس إلى الله تعالى.
ويجب على كل مسلم عدة آداب نحو النبي- صلى الله عليه وسلم- أجملها فيما يأتي:
1- معرفة سيرته ونسبه، من هو؟ ومن أبوه، من أمه؟ ومن عائلته؟ في أي عام ولد؟ وفي أي قبيلة؟ كما يجب علينا أن نعلم أنه ولد في أشرف القبائل، ومن أطهر الأنساب، وفي الحديث قوله- صلى الله عليه وسلم-: "... ثم تخير الله القبائل فجعلني في خير قبيلة، ثم تخير البيوت فجعلني في خير بيوتهم، فأنا خيرهم نفسًا، وخيرهم بيتًا" (1).
2- يجب أن نتعرف على أسرته الشخصية، من هن زوجاته، ومن هم أولاده؟ وآل بيته؟ وأن الله طهر أسرته من كل سوء، حيث قال تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا) (الأحزاب: من الآية 33).
3- يجب علينا أن نتعرف على صفاته- صلى الله عليه وسلم- الخلقية والخلقية، فقد كان- صلى الله عليه وسلم- في أحسن خلقة وصورة وهيئة، وكان في أحسن خلق قبل البعثة وبعدها، حتى إن الله تعالى شهد له بذلك في القرآن الكريم، فقال تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ 4) (القلم).
4- التأدب معه- صلى الله عليه وسلم- كما يتأدب الولد مع أبيه والطالب مع أستاذه، فلا يجوز أن نناديه باسمه مجردًا ولا أن نقدم آراءنا على سنته وهديه- صلى الله عليه وسلم- قال تعالى: (لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا) (النور: من الآية 63). وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ 2) (الحجرات).
5- وجوب طاعته، فطاعة الرسول من طاعة الله، وهي دليل على محبة العبد لربه، قال تعالى: (مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا 80)(النساء)، وقال تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ 31) (آل عمران).
وكان الصحابة يقتدون به في كل أمور حياتهم ويعرفون عنه كل دقائق حياته العامة والخاصة، حتى إنهم كانوا يعرفون عدد الشعرات البيض التي في لحيته، وفي رأسه- صلى الله عليه وسلم-.
6- التأسي به- صلى الله عليه وسلم- والاقتداء بأفعاله، واتباع سنته- صلى الله عليه وسلم- والتمسك بهديه- صلى الله عليه وسلم- والتخلق بأخلاقه- صلى الله عليه وسلم- قال تعالى: (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا 21) (الأحزاب).
فيجب علينا أن نحب ما يحب وأن نكره ما يكره، وأن نعمل بهديه- صلى الله عليه وسلم- في كل أمور حياتنا الدينية. قال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (النور: من الآية 63).
7- أن يملأ المسلم قلبه بحب الرسول- صلى الله عليه وسلم- لأن ذلك من كمال الإيمان، والمرء مع من أحب يوم القيامة.
وهذا مثال على شدة حب الصحابة للرسول- صلى الله عليه وسلم- رأى النبي- صلى الله عليه وسلم- في يوم ما ثوبان خادمه وقد تغير لون بشرته، فسأله عن السبب فقال: تذكرت يوم القيامة وأنت في الدرجات العلى من الجنة، ونحن في منزلة دون منزلتك، فكيف نصبر على فراقك يا رسول الله؟ فقال- صلى الله عليه وسلم- يا ثوبان: "المرء مع من أحب" (2).
فمن كان يحب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فهو معه في الجنة، فما أحسنها من رفقة مع النبي- صلى الله عليه وسلم- والصحابة الكرام.
حب النبي عزة وجاه وشرعه تعلو به الجباه
فالله قد صفاه واصطفاه لسنا نرى إلا الذي يراه
8- أن يكثر المسلم من الصلاة والتسليم عليه- صلى الله عليه وسلم- لما في ذلك من الثواب العظيم والمؤانسة له- صلى الله عليه وسلم- في قبره. وفي سنن أبي داود بسند جيد "من صلى علي رد الله علي روحي، فأرد عليه السلام" (3).
9- الدفاع عنه- صلى الله عليه وسلم- بعد فاته: فبين الحين والحين يتعرض النبي- صلى الله عليه وسلم- لهجوم شرس من أعداء الإسلام وخصومه في الداخل والخارج، وقد تكرر ذلك في صور شتى، وهذا ليس جديدًا على التاريخ الإسلامي، ففي عصره- صلى الله عليه وسلم- تعرض للأذى الشديد، والسب والشتم، وصبر واحتسب، وعصمه الله من شر الماكرين وكيد الحاقدين وتولى الله بنفسه الدفاع عن نبيه- صلى الله عليه وسلم- فقال تعالى: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ 95) (الحجر).
وعبر التاريخ الإسلامي كلما نال منه- صلى الله عليه وسلم- أحد الحاقدين هب المسلمون جميعًا للدفاع عن نبيهم، والتاريخ يعيد نفسه، وما أشبه الليلة بالبارحة، حيث قام الحاقدون بصناعة فلم يسئ إلى شخص النبي- صلى الله عليه وسلم- والحقيقة إنهم أساءوا إلى أنفسهم وبلادهم ودينهم، لأن مقام النبي- صلى الله عليه وسلم- مقام عالٍ ورفيع، فهو الرجل الوحيد في العالم الذي ولد على مرأى ومسمع من الدنيا كلها، وسيرته- صلى الله عليه وسلم- يعرفها القاصي والداني، وشهد الغربيون له بالعظمة والكمال، وكتب أحدهم: الخالدون مائة أعظمهم محمد بن عبد الله نبي المسلمين، ودور المسلم هنا الدفاع عن شخص النبي- صلى الله عليه وسلم- وعرضه ومنزلته بقوة وشدة، لأن ذلك من كمال الإيمان ومن مظاهر عاطفة الحب نحو الرسول- صلى الله عليه وسلم- وفى الحديث "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين" (4).
نسأل الله أن يجعلنا من المقتدين بخاتم الأنبياء والمرسلين. ومن المحبين له والمدافعين عنه.
