معنى الزكاة لغويا : النماء والتطهير.
ومعناها شرعا : سميت زكاة فى الشرع لوجود المعنى اللغوى فيها وقيل : لأنها تزكى صاحبها وتشهد له بصحة إيمانه لقوله (صلى الله عليه وسلم): (الصدقة برهان).
قال تعالى: ( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم) [التوبة:103].
وقال تعالى: ( الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) [ البقرة:274].
قال ابن كثير فى تفسيره:
هذا مدح من الله تعالى للمنفقين فى سبيله وابتغاء مرضاته فى جميع الأوقات من ليل أو نهار وسر وجهار.
وذكر ابن أبى حاتم عن ابن جبير عن أبيه أنه قال: كان لى أربعة دراهم فأنفق درهما ليلا ودرهما نهارا ودرهما سرا ودرهما علانية فنزلت هذه الأية التى نحن بصددها.
قال تعالى: ( إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) [ المائدة:55].
قال تعالى: ( وسيتجنبها الأتقى * الذى يؤتى ماله يتزكى) [الليل: 18].
(1) باب فضل الزكاة أنها ركن من أركان الإسلام
(1) عن ابن عمر (رضى الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: ( بنى الإسلام على خمس: شهادة أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان) [ رواه البخارى (1/ح8/فتح) ومسلم ( 1/ إيمان/45/ح21) والترمذى (5/ح2609) وأحمد فى مسنده (2/ 120،93،26) وابن خزيمة (1/ح308) والبيهقى فى السنن (1/358)].
(2) باب فضل زكاة الفطر
(2) عن ابن عباس (رضى الله عنه) قال: ( فرض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهى زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهى صدقة من الصدقات) [ فى صحيح ابن ماجة (1480) وفى سننه (1827/585/1) وفى سنن أبو داود (1594/3/5) وصححه الشيخ الألبانى فى صحيح الجامع (3570) والإرواء (843)].
قلت : ذكر النووى فى (شرح مسلم) (6/7) أن عامة الفقهاء وجمهور العلماء على أن إخراج القيمة فى زكاة الفطر لا تجزئ فالأئمة : أحمد والشافعى ومالك وابن حزم وابن المنذر على أن زكاة الفطر لا تخرج الا طعام يعنى حوالى 2ونصف ك أرز على الفرد.
(3) باب فضل الزكاة تدخل الجنة
(3) عن أبى أيوب أن رجلا قال للنبى (صلى الله عليه وسلم) : ( أخبرنى بعمل يدخلنى الجنة قال: تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصل الرحم) [ أخرجه البخارى (3/ح1396/ فتح) ومسلم (1/ الإيمان/42-43/ح12)].
(4) باب فضل الصدقة والإنفاق
(4) عن خزيم بن فاتك (رضى الله عنه) عن النبى (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: ( من أنفق نفقة فى سبيل الله كتب له سبعمائة ضعف) [ رواه أحمد والترمذى والنسائى والحاكم وصححه الشيخ الألبانى فى صحيح الجامع (6110) وصحيح الترغيب (2/156) والمشكاة (3826)].
(5) وعن أبى هريرة (رضى الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: ( إن الله عزوجل يقبل الصدقات ويأخذها بيمينه فيربيها لأحدكم كما يربى لأحدكم مهره أو فلوه أو فصيلة حتى إن اللقمة لتصير مثل جبل أحد) [ رواه أحمد والترمذى وقال حديث صحيح].
قال وكيع : وتصديق ذلك فى القرآن : ( ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده يأخذ الصدقات وأن الله هو التواب الرحيم) [ التوبة :104].
وقوله: ( يمحق الله الربا ويربى الصدقات) [البقرة: 276].
يربى : أى ينمو ويزيد.
فصيلة : المهر.
الفلو والفصيل : ولد الفرس.
(6) عن بريدة (رضى الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ( ما يخرج رجل شيئا من الصدقة حتى يفك عنها لحى سبعين شيطانا) [ رواه أحمد والحاكم وابن خزيمة والطبرانى فى الأوسط وصححه الشيخ الألبانى فى صحيح الجامع (5814) والصحيحة (1268)].
(7) عن أبى هريرة (رضى الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ( مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد من ثديهما إلى تراقيهما فأما المنفق لا ينفق شيئا الا سبغت على جلده أو وفرت على جلده حتى تخفى بنانه وتعفو أثره وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئا الا لزفت كل حلقه مكانها فهو يوسعها فلا تتسع) [ رواه البخارى (3/ح1443/ فتح) ورواه مسلم (الزكاة/ج2/ح75)].
معنى جنتان: مفردها (جنة) وهى الدرع ومعناها أن المنفق كلما أنفق طالت حتى يجر وراءه وتخفى رجليه وأثر رجليه وأثر مشيته وخطواته.
ومعنى تعفو أثره: أى تمحو.
(
وعن أبى هريرة (رضى الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ( ما من يوم يصبح العباد فيه الا ملكان ينزلان فيقوا أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا. ويقوا الأخر: اللهم أعط ممسكا تلفتا) [ رواه البخارى (2/142) ومسلم (الزكاة
) والبيهقى (187) وسنة البغوى (6/156) وكنز العمال (16121،16016،1985)].
(5) باب فضل الصدقة ولو بقليل
(9) عن عدى بن حاتم (رضى الله عنه) قال: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: (من استطاع أن يستتر من النار ولو بشق تمرة فليفعل) [ رواه مسلم وهذا لفظه (ح66/ط4) ووافقه البخارى بهذا المعنى (ج3/1417)].
معنى بشق تمرة : أى نصفها.
(10) وعن أبى ذر (رضى اله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (سبق درهم مائة ألف درهم: رجل له درهمان أخذ أحدهما فتصدق به ورجل له مال كثير فأخذ من عرضه مائة ألف فتصدق بها) [ رواه أبو داود والنسائى ورواه أيضا النسائى وابن حبان فى صحيحه عن أبى هريرة وابن خزيمة وصححه الشيخ الألبانى فى صحيح الجامع (3606) وفى صحيح الترغيب (875)].
(6) باب فضل الصدقة على ذى الرحم
(11) عن سلمان بن عامر (رضى الله عنه) عن النبى (صلى الله عليه وسلم) : ( صدقة ذى الرحم على ذى الرحم صدقة وصلة) [رواه الطبرانى فى الأوسط وفى الإرواء (883) وحسنه الشيخ الألبانى فى صحيح الجامع (3763)].
(7) باب النفقة على البنات والأخوات
(12) عن عقبة بن عامر (رضى الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): (من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته كن له حجابا من النار يوم القيامة) [ رواه أحمد وابن ماجة وصححه الشيخ الألبانى فى صحيح الجامع (6488)].
معنى من جدته : أى من كسب يده.
(13) وعن عائشة (رضى الله عنها) قالت: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : ( ليس أحد من أمتى يعول ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فيحسن إليهن الا كن سترا من النار) [ رواه البيهقى فى شعب الإيمان والبخارى فى الأدب وصححه الشيخ الألبانى فى صحيح الجامع (5372)].
معنى يعول : أى ينفق.
قال المناوى فى فيض القدير(5/362):
يعولهن ومع ذلك يحسن إليهن فى الإقامة عليهن بألا يمن عليهن ولا يظهر لهن الملل الا كن له سترا من النار أى وقاية من دخول النار لأنه كان لهن سترا فى الدنيا وذل السؤال وهتك الأعراض.
(14) وفى رواية عن عائشة (رضى الله عنها) : ( من ابتلى بشئ من البنات فصبر عليهن كن له حجابا من النار) [ رواه الترمذى وصححه الشيخ الألبانى فى صحيح الجامع (5931)].
(
باب فضل النفقة على اليتيم والجارة والأرملة والمسكين
(15) عن سهل بن سعد (رضى الله عنه) قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ( أنا وكافل اليتيم كهاتين فى الجنة) وقرن بين إصبعيه الوسطى والتى تليها أى الإبهام. [ صحيح أبى داود للشيخ الألبانى (ج3/ح4289/ص968) وفى صحيح الترمذى للألبانى بنحوه رقم (1564)].
وعن أنس (رضى الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ( من عال جاريتين حتى يدركا دخلت أنا وهو الجنة كهاتين) وأشار بإصبعه السبابة والتى تليها.
(16) وعن عائشة (رضى الله عنها) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ( أنا وكافل اليتيم له أو لغيره فى الجنة والساعى على الأرملة والمسكين كالمجاهد فى سبيل الله ) [ رواه الطبرانى فى الأوسط ومسلم عن أبى هريرة (8/221) وصححه الألبانى فى صحيح الجامع(1476)].
(9) باب فضل زرع الثمار صدقة
(17) عن جابر (رضى الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ( لا يغرس مسلم غرسا ولا يزرع زرعا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا شئ وإلا كانت له صدقة) [ رواه مسلم (ج3/ح8/ص1188/ مساقات)].
وفى الصحيحين عن أنس (رضى الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: ( ما من مسلم يغرس غرسا أو يزرع زرعا فيأكل فيه طير أو إنسان أو بهيمة الا كان له به صدقة).
(10) باب فضل النفقة على الجيش الغازى
(18) عن زيد بن خالد (رضى الله عنه) عن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال: ( من جهز غازيا فى سبيل الله فقد غزا ومن خلف غازيا فى سبيل الله أهله بخير فقد غزا) [ رواه البخارى (4/32) ومسلم (الامارة135/136) والترمذى (1628) والنسائى (6/46) وأبو داود (2509) والطبرانى الكبير(5/282،280) وكنز العمال (10710،10554،10553) وفى الترغيب للمنذرى (2/254)].
وعنه أيضا: ( من جهز غازيا فى سبيل الله كان له مثل أجره) [ رواه ابن ماجة وصححه الشيخ الألبانى فى صحيح الجامع (6194)].
(11) باب فضل العامل بحق على الصدقة
(19) عن رافع بن خديج (رضى الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ( العامل بالحق على الصدقة كالغازى فى سبيل الله عز وجل حتى يرجع إلى أهله) [ رواه أحمد أبو داود والترمذى وابن ماجة والحاكم وصححه الشيخ الألبانى فى صحيح الجامع رقم (4117)].
قلت : ومعنى العامل بالحق على الصدقة : أى الموصل الصدقة للمستحقين لها بأمانة واستعفاف.
(20) عن أبى موسى (رضى الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ( الخازن المسلم الأمين الذى يعطى ما أمر به كاملا موفرا طيبة به نفسه فيدفعه إلى الذى أمر به أحد المتصدقين) [ صحيح أبى داود للألبانى (ج1/ح1476/ص316)].
قلت : ومعنى الخازن المسلم الأمين : أى المتكفل بأداء الصدقة عن غيره بأمانة.
(12) باب فضل الصدقة وأنها تقع على كل معروف
(21) عن أبى ذر (رضى الله عنه) عن النبى (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: ( إن ناسا من أصحاب النبى (صلى الله عليه وسلم) قالوا: يا رسول الله: ذهب أهل الدثور بالأجور يصلون كما نصلى ويصومون كما نصوم ويتصدقون بفضل أموالهم. قال: أو ليس قد جعل الله لكم ما تصدقون به؟ إن بكل تسبيحة صدقة وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وأمر بالمعروف صدقة ونهى عن منكر صدقة وفى بضع أحدكم صدقة. قالوا: يا رسول الله أيأتى أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: أرأيتم لو وضعها فر حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها فى الحلال كان له أجر) [ رواه البخارى (ج2/843) ومسلم (ج2/ح
/ص697) بنحوه وأبو داود (ج/15042) وابن ماجة (ج1/927)].
(13) باب أفضل الصدقات
(23) عن أبى أمامة (رضى الله عنه) عن النبى (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: ( أفضل الصدقات ظل فسطاط فى سبيل الله عز وجل أو منحة خادم فى سبيل الله أو طروقة فى سبيل الله) [ رواه أحمد والترمذى (1627) وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح غريب والطبرانى فى الكبير(8/279) وصححه الشيخ الألبانى فى صحيح الجامع (1109) وتخريج التغريب (2/158) والحاكم وابن عساكر.
الفسطاط : بيت من الشعر.
الطروقة : الناقحة التى بلغت أن يطرقها الفحل.
(24) وعن أبى أيوب ( رضى الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ( أفضل الصدقة الصدقة على ذى الرحم الكاشح) [ رواه أحمد والطبرانى فى الكبير وأخرجه البخارى فى الأدب المفرد وأبو داود والترمذى ورواه ابن خزيمة وصححه الشيخ الألبانى فى صحيح الجامع (1110) والإرواء (892)].
الكاشح : البخيل.
(25) وعن سعد بن عبادة (رضى الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ( أفضل الصدقة سقى الماء) [ رواه أحمد وأبو داود والنسائى وابن ماجة والحاكم وأخرجه أبو يعلى فى مسنده عن ابن عباس وصححه الشيخ الألبانى فى صحيح الجامع (1113)].
(26) عن أبى هريرة (رضى الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ( أعظم الصدقة أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى ولا تهمل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا ولفلان كذا ألا وقد كان لفلان) [ رواه مسلم (ج2/ح92)].
(27) وعن ثوبان ( رضى الله عنه) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ( أفضل دينار ينفقه الرجل دينار أنفقته فى رقبة ودينار تصدقت به على مسكين ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجرا الذى أنفقته على أهلك) [ رواه مسلم (ج2/ح39/زكاة) ورواه أبو داود بهذا المعنى (ج2/1676)].
رقبة : أى فى عتق رقبة أى عتقها.
(14) باب فضل المنيحة
(28) عن أبى هريرة (رضى الله عنه) عن النبى (صلى الله عليه وسلم) : ( من منح منحة غدت بصدقة وراحت بصدقة صبوحها وغبوقها) [ رواه مسلم (ج4/زكاة/ح74)
معنى المنيحة: هى العطية .
معنى صبوحها وغبوقها: الصبوح ما حلب من اللبن بالغداة والغبوق بالعشى.
قال القاضى عياض:
هما مجروران على البدل من قوله بصدقة ويصح نصبها على الظرف.
(15) باب إخفاء الصدقة
(29) عن أبى سعيد (رضى الله عنه) عن النبى (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: ( صدقة السر تطفئ غضب الرب) [ رواه الطبرانى فى الصغير وهو صحيح رواه ابن عساكر فى السرائر وأبو بكر الذكراتى عن عمر والطبرانى أيضا فى الأوسط عن ابن سلمة وفى الروض النضير (375) وفى صحيح الترغيب (2/31) والصحيحة (1908) وصحيح الشيخ الألبانى فى صحيح الجامع (3759)].
(30) وفى الحديث الذى فيه السبعة الذين يظلهم الله بظله يوم القيامة من حديث أبى هريرة (رضى الله عنه) عن النبى (صلى اله عليه وسلم): ( ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) [ رواه البخارى فى صحيحه ورواه مسلم (ج2/ح1031/ الزكاة) وابن خزيمة فى صحيحه (358)].
أسأل الله العظيم أن يزكى ويطهر أنفسنا وأموالنا.