موضوع: أهل الكهف بين الأدب السرياني والقرآن الجمعة أغسطس 09, 2013 11:23 am
موضوع للحوار جميل
أهل الكهف بين الأدب السرياني والقرآن
الرواية القرآنية : تتحدّث هذه القصة القرآنية عن عدد من الشباب المؤمن فرّوا من الاضطهاد الدينيّ ورفضوا عبادة الأوثان التي فرضها عليهم الملك، فلجؤوا إلى كهف في جبل خارج المدينة. وهناك ألقى الله عليهم سباتاً فناموا لمدة تزيد عن الثلاثمئة سنة. وعندما انجلت الغمّة بعثهم الله من نومهم وأراد إطلاع الناس على حقيقة ما جرى لهم، ليؤمنوا بأنّ وعد الله حقّ، وأنّه قادر على إحياء الموتى مثلما أحيى هؤلاء الفتية . أمّا عن مناسبة نزول الوحي بهذه القصّة، فيقول ابن كثير إنّ بعضاً من أهل الكتاب سألوا النبيّ عن خبر أصحاب الكهف، فقال لهم " غداً أجيبكم "، ولم يُتبع قوله هذا بقوله " إن شاء الله ". ولكنّ الوحي تأخّر عليه خمسة عشر يوماً. وعندما جاء الوحي بالقصّة أراد تعالى تذكير رسوله بنسيانه هذا، ولذلك قال في آخرها: "ولا تقولنّ لشيء إنّي فاعل ذلك غداً إلا أن يشاء الله، واذكر ربّك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربّي لأقرب من هذا رشداً ." والقصّة مذكورة فقط في سورة الكهف، ولا توجد إشارة إليها في أي موضع آخر. وهذا نصّها الكامل: " أم حسبت أنّ الكهف والرقيم (1) كانوا من آياتنا عجباً (2)، إذ آوى الفتية إلى الكهف فقالوا: ربّنا آتنا من لدنك رحمة وهيّئ لنا من أمرنا رشداً. فضربنا على آذانهم (3) في الكهف سنين عدداً (4)، ثم بعثناهم لنعلم أيّ الحزبين أحصى لما لبثوا أمداً (5). نحن نقصّ عليك نبأهم بالحقّ. إنهم فتية آمنوا بربّهم وزدناهم هدى، وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا: ربّنا ربّ السماوات والأرض ولن ندعو من دونه إلهاً، لقد قلنا إذا شططاً (6). هؤلاء قومنا اتّخذوا من دونه آلهة، لولا يأتون عليهم بسلطان بيّن (7)، فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً. وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله، فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربّكم من رحمته ويهيّئ لكم من أمركم مرفقاً ( . وترى الشمس إذا طلعت تزََّاوَر (9) عن كهفهم ذات اليمين، وإذا غربت تقرضهم (10) ذات الشمال، وهم في فجوة منه. ذلك من آيات الله، من يهدِ الله فهو المهتديِ ومن يُضلل فلن تجد له وليّاً مرشداً. وتحسبهم أيقاظاً وهم رقود ونقلّبهم ذات اليمين وذات الشمال، وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد. لو اطّلعت عليهم لولّيت منهم فراراً ولملئت منهم رعباً. " وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم. قال قائل منهم: كم لبثتم؟ قالوا: لبثنا يوماً أو بعض يوم. قالوا: ربّكم أعلم بما لبثتم، فابعثوا أحدكم بوَرَقكم (11) هذه إلى المدينة فلينظر أيُّها أزكى طعاماً فليأتكم برزق منه، وليتلطف ولا يشعرن بكم أحداً. إنهم إن يظهروا عليكم (12) يرجموكم أو يعيدوكم في ملّتهم ولن تفلحوا إذاً أبداً. وكذلك أعثرنا عليهم (13) ليعلموا أنّ وعد الله حقّ وأنّ الساعة لا ريب فيها. إذ يتنازعون بينهم أمرهم (14) فقالوا: ابنوا عليهم بنياناً ربّهم أعلم بهم. قال الذين غَلبوا على أمرهم: لنتخذن عليهم مسجداً . " سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم، ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجماً بالغيب، ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم. قل ربّي أعلم بعدتهم (15)، ما يَعلمهم إلا قليل. فلا تُمارِ (16) فيهم إلا مراءً ظاهراً ولا تستفت فيهم منهم أحداً. ولا تقولنّ لشيء إني فاعل ذلك غداً، إلا أن يشاء الله. واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدينِي ربي لأقرب من هذا رشداً. ولبثوا في كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعاً. قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات والأرض، أبصر به وأسمِع، ما لهم من دونه ولي ولا يشرك في حكمه أحداً . " (18 الكهف : 9-26). لا يوجد في كتاب العهد القديم أو في كتاب العهد الجديد خبرٌ عن أصحاب الكهف. فهذه قصة مسيحية متأخّرة جرى تداولها في العصر الذي صارت فيه المسيحية ديناً رسمياً للإمبراطورية الرومانية، بعد تحوّل الإمبراطور قسطنطين (306-337م) إلى الدين المسيحي. وأوّل نصّ مدوّن لهذه القصّة هو نصّ سريانيّ يعود بتأريخه إلى أواخر القرن الخامس الميلادي. ويبدو أنه قد اعتمد مرويات شفهية متدالة أكثر قدماً. وهذا ملخّص وافٍ له (17) : في جولة له خارج عاصمته جاء الإمبراطور ديكيوس إلى إفسوس وفي مدينة عريقة في آسيا الصغرى، ووصلته أخبار انتشار المسيحية فيها. فحاول التضييق على المسيحيين وأمرهم جميعاً بتقديم القرابين إلى الآلهة الرومانية، فرضخ فريق منهم وفعل ذلك تحت التهديد، ورفض فريق قليل آخر مفضلاً الألم والعذاب على ترك المعتقد. ومن هؤلاء سبعة فتية (وبعض الروايات تقول ثمانية) قُدمت أسماؤهم إلى الإمبراطور ليتّخذ قراره فيهم، فأعطاهم مهلة للتفكير في العدول عن موقفهم هذا ثم غادر المدينة. فترك الفتية المدينة ولجؤوا إلى جبل أنخليوس خارج إفسوس حيث اختبئوا في كهف. وعندما نفذت مؤونتهم أرسلوا واحداً منهم إلى المدينة ليشتري لهم طعاماً، وهناك علم أنّ الإمبراطور قد عاد إلى إفسوس وهو يطلبهم. اضطرب الفتية لسماع هذه الأنباء، وبعد تناولهم طعامهم ألقى عليهم الربّ سباتاً عميقاً، وأغلق عليهم مدخل الكهف بصخرة عظيمة. فتّش جنود الإمبراطور عن الفتية ولم يعثروا لهم على أثر في المدينة، فجاؤوا إلى أهلهم وانتزعوا منهم تحت التهديد بالقتل مكان اختباء الفتية. ولكنهم عندما وصلوا إلى الكهف وجدوه مغلقاً بتلك الصخرة العظيمة، وتأكّد لهم أن الفتية قد لقوا حتفهم في داخله، فغادروا وأخبروا الإمبراطور. دام سبات الفتية ثلاثمئة وسبع سنين. وكانت الدولة قد تحوّلت إلى الدين المسيحيّ منذ أمد بعيد، وآلت السلطة إلى الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني. وفي عصر هذا الإمبراطور دار جدال في الأوساط المسيحية حول مسألة بعث الأموات، ووقف أحد الأساقفة المدعو ثيودور في صفّ من ينكر البعث، الأمر الذي أرَّق الإمبراطور. في هذه الأثناء أراد مالك الحقل الذي يقع فيه الكهف بناء حظيرة لغنمه، فراح يقتلع من صخرة المدخل حجارة لاستخدامها في رفع الجدران، وذلك حتى انكشف مدخل الكهف. ولكن الرجل لم يدخل ولم يلحظ وجود أحد هناك. ثم إن الله أيقظ الفتية من سباتهم، وظن كل واحد منهم أنه لم ينم إلا ليلة واحدة، وراحوا يشجّعون بعضهم على النزول إلى المدينة لاستقصاء الأخبار وشراء الطعام. وأخيراً وقع الاختيار على المدعو ديوميديوس الذي نزل في المرّة الأولى، فحمل فضته ومضى. عندما وصل ديوميديوس إلى بوابة المدينة رأى صليباً كبيراً معلقاً عليها، فتعجب وتبلبلت خواطره ولم يجد لذلك تفسيراً. ثم إنه دخل وتجول ووقف أخيراً عند أحد الباعة ليشتري طعاماً، وعندما أخرج نقوده المعدنية رأى البائع عليها صورة الإمبراطور ديكيوس، الذي اختفى الفتية في عهده، منقوشة على العملة، فظنّ أنّ الفتى قد عثر على كنز قديم مدفون في الأرض، فراح يضغط على الفتى لمعرفة مكان الكنز وتجمّع حولهما أهل السوق. ثم إنّ الخبر شاع بسرعة ووصل إلى أسقف المدينة وإلى الحاكم، فجيء بالفتى إليهما وقصّ عليهما القصّة كاملة، وطلب منهما مصاحبته إلى الكهف للتأكّد من صحّة كلامه. وخلال تفحّصهما لمدخل الكهف عثرا على رقيمين معدنيين نُقشت عليهما كتابة تحكي قصة الفتية زمن احتباسهم، ووُضع الرقيمان تحت صخرة المدخل. وبذلك تمّ التأكد من صحّة روايتهم. ثم إنّ الإمبراطور نفسه جاء إلى المكان واستمع إليهم، فقال له واحد منهم إنّ الله قد أنامهم هذه المدة الطويلة ثم أيقظهم، لكي يثبت للمتشكّكين حقيقة البعث في يوم الحساب، وقدرة الله عليه. عند ذلك أمر الإمبراطور ببناء مقام دينيّ في موضع الكهف تذكاراً للفتية.
مقارنة: الرواية السريانية----الرواية القرآنية
— عدد الفتية سبعة أو ثمانية تبعاً للروايات المختلفة المتداولة - سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم، ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجماً بالغيب، ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم. قل ربّي أعلم بعدتهم. — الفتية يرفضون السجود للآلهة الوثنية، ويفضّلون العذاب على التخلي عن معتقدهم. - فتية آمنوا بربّهم وزدناهم هدى، وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا: ربّنا ربّ السماوات والأرض ولن ندعو من دونه إلهاً. — الفتية يلجؤون إلى جبل خارج مدينة إفسوس ويأوون إلى كهف . - وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله، فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقاً. — الإمبراطور يرسل من يأتي إليه بالفتية، ولكن الله يلقي عليهم سباتاً وييسر لهم من يسد بابه بصخرة. - إذ آوى الفتية إلى الكهف فقالوا: ربّنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشداً. — دام سبات الفتية ثلاثمئة وسبع سنين. وكانت المملكة خلال ذلك قد تحولت إلى المسيحية. - ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وزادوا تسعاً. والله أعلم بما لبثوا. — الله يوقظ الفتية، فظن كل منهم أنه لم ينم إلا ليلة واحدة. - وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم. قال قائل منهم: كم لبثتم ؟ قالوا: لبثنا يوماً أو بعض يوم. — الفتية يرسلون واحداً منهم بفضّته للاستطلاع وشراء الطعام . - فابعثوا أحدكم بوَرَقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيُّها أزكى طعاماً فليأتكم برزق منه. — النقود القديمة تكشف أمر الفتية فيأتي الحاكم والأسقف إلى الكهف ليجدوا رقيمين دوّن عليهما خبر الفتية. -ترد الإشارة إلى هذين الرقيمين في مطلع القصة: أم حسبت أن أهل الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجباً؟ — يأتي الإمبراطور نفسه إلى الموقع، ويقول له الفتية بأن الله فعل بهم ذلك ليؤكد للمتشككين حقيقة البعث والحساب. - وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق، وأن الساعة لا ريب فيها. — الإمبراطور يأمر ببناء مقام ديني في موقع الكهف. - فقالوا: ابنوا عليهم بنياناً. قال الذين غَلبوا على أمرهم: لنتخذن عليهم مسجداً. الهوامش: 1 - الرقيم هو لوح فخاري أو حجري أو معدني تنقش عليه الكتابة القديمة . 2 - أي هل ظننت أن أهل الكهف والرقيم كانوا أعجب آياتنا ؟ والمقصود أن لله آيات أعجب من ذلك . 3 - أي رمينا عليهم سباتاً فناموا . 4 - سنين كثيرة . 5 - أي أن الفريقين المختلفين بشأنهم عرف عدد سنوات نومهم . 6 - أي لقلنا قولاً بعيداً عن الحق . 7 - أي هلاّ أقاموا على صحة ما ذهبوا إليه دليلاً واضحاً . 8 - أي ما ترتفقون به من طعام وشراب . 9 - أي تميل عن كهفهم . 10 - أي تعدل وتبتعد . 11 - أي نقودكم أو فضتكم . 12 - أي يعرفوا بأمركم . 13 - أطلعنا الناس عليهم . 14 - أي فريقان من الناس تنازعوا بشأن ماذا يفعلون بموضع الكهف. 15 - أي بعددهم. 16 - أي لا تجادل بشأنهم إلا جدلاً متيقن عارف بحقيقة الخبر
ناصرة الاسلام فتاة مبدعة
مِــزَاجِي :
موضوع: رد: أهل الكهف بين الأدب السرياني والقرآن الجمعة أغسطس 09, 2013 11:53 am