فضل صيام يوم عرفة فيوم عرفة هو اليوم الذي أتم الله فيه الدين، وأكمل فيه النعمة على المؤمنين، ورضي لهم فيه الإسلام دينًا وشرعةً، وهو اليوم الذي يغفر الله فيه الزلات، ويتجاوز فيه عن الخطيئات، ويرفع فيه الدرجات، ويمحو فيه السيئات، فلا أكثر منه عتقًا من النار، حتى إنه -عز وجل- ليباهي بعباده الذين أتوه شعثًا غبرًا ملفوفين في أكفانهم - يباهي بهم ملائكته فيقول: ما أراد هؤلاء؟!
إن يوم عرفة يوم عظيم، تجتمع فيه ملايين المسلمين من كل أنحاء الأرض، من الشرق والغرب والشمال والجنوب، يقفون جميعًا في صعيد واحد، يتلفعون بلباس واحد، يدعون بدعاء واحد، ويطالبون بمطلب واحد، يرجون رحمة الله، ويسعون في فكاك رقابهم من النار.
إنه يوم فخر للمسلمين؛ إذ لا يمكن للمسلمين في أي مكان أن يحتشدوا بهذا العدد في وقت واحد إلا في هذا المكان. إن في هذا الاجتماع آية عظيمة على قدرة الله -سبحانه وتعالى-؛ إذ يسمع دعاء كل هؤلاء في وقت واحد على اختلاف ألوانهم وألسنتهم وأجناسهم، ويعطي كل واحد سؤله دون أن تختلط عليه المسائل والحاجات أو تخفى عليه الأصوات والكلمات، سبحانه هو السميع البصير العلي الخبير الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
إن يوم عرفة يوم تنزل رحمة الله، وما أدراك ما رحمة الله!! عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "جعل الله الرحمة في مائة جزء، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءًا وأنزل في الأرض جزءًا واحدًا، فمن ذلك الجزء تتراحم الخلق حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه".
ويوم عرفة يوم خوف وخشوع وخشية من الله، يوم يذل فيه المؤمنون لربهم مخبتين، يوم البكاء والانكسار بين يدي الغفور الرحيم، يلحّون بخير الدعاء وبخير ما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- والنبيون من قبله: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"، ليعلنوا بذلك صدق ولائهم لله وتوحيدهم إياه، فلا يدعون غيره ولا يرجون سواه. وفي هذا اليوم يغفر الله لمن صام من غير الحجيج السنة التي قبلها والسنة التي بعدها، فما أحلم الله على عباده وما أكرمه وهو الجواد الكريم!!