بسم الله الرحمن الرحيم
لانامت أعين الجبناء
في يوم جميلٍ , هواؤهُ عليلٌ , استيقظَتْ قريةُ (بورين) في وطننا الغالِي فلسطين , واستيقظَ الشبابُ وباشرُوا بخلطِ الطينِ ؛ منْ أجلِ بناءِ البيوتِ , وحرثُوا الأرضَ؛ ليزرعُوا التوتَ , وذهبَ الكبارُ لجنْي الثمارِ , وإطعامِ الصغارِ في آخرِ النهارِ , أمّا الأطفالُ الصغارُ , فقدْ ذهبُوا إلى المدارسِ , لكي لا يصبحَ الكلّ خياطِي ملابسَ , ليكونُوا أطباءَ ومعلمين وعلماء ومهندسين , وينفعوا الوطن والدين .
وما أنْ جاءَ وقتُ المغربِ , حتىْ سُمِعَتْ فاطمةُ على الدُفِ تضرب , لأنّ أمَها أدتِ العمرةَ وعادَتْ من ( يثرب ) .وبعدَ العِشَاءِ , اجتمعَتِ النساءُ في بيتِ أمِ ضياءٍ , ليحضرنَ معَها لعرسِ علاءٍ.
وبعدَ تلكَ الليلةِ الجميلةِ نامَ الجميعُ ليلةً طويلةً , كانَ الكلُ فرحينَ في قريةِ ( بورين ).وفي الصباحِ التالي استيقظَ الكلُ لبذلِ الرخيصِ والغالي ؛ من أجلِ الوطنِ العزيزِ الذي احتلَهُ (الأنجليز) , ومنْ ثٌمّ وَرّثوهُ لليهودِ أصحابِ القلبِ الحقودِ .
ذهبَ الأطفالُ للمدارسِ كعصافيرَ تتلهفُ لنّهلِ مِنْ نبعِ العلمِ , كانَ أحمد وخالد ولمى يسيرون على الدربِ الذي عشقَهم وعشقُوه , وبما في قلوبِهم من براءةٍ قالُوا عندما رأوا(جيب)لليهودِ , فدار بينهم الحوار التالي :
خالد: لعنة الله عيكم أيها اليهود الأنذال ...
لمى :لقد اغتصبوا أرضنا ويمنون علينا بالبقاء فيها ...
أحمد : نحن الآن في الصف الرابع , لازال أمامنا طريق طويل ...
خالد : أحسنت في تفكيرك بالتعليم يا بن عمي , إذ أننا يجب أن ننهيَ دربَ التعليم لكي نفيد وطننا العزيز, ونثبت للعالم أن الشعب الفلسطيني يستطيع النهوض بوطنه حتى وهو تحت الاحتلال , وإذا كنا سوف نتعلم فعلينا أن نحدد ماذا نريد أن نصبح , هيا يا لمى ابدئي أنت ...
لمى :أريد أن أصبح معلمة, تدرس الأطفال , وتربيهم على حب الوطن الغالي , وتغرس فيهم الجهاد المقدس , وبذل كل ما في استطاعتهم من أجل الوطن العزيز ...
أحمد : أما أنا فسوف أصبح طبيبا أعالج الناس بكل حنان ورحمة , وأنزل لساحات المعارك أنقذ المجاهدين الجرحى ...
خالد : أما أنا فقد حرت أريد أن ادرس في الجيش لكي أصبح مثل الشهيد الشهير (فراس العجلوني), أو مثل( صلاح الدين الأيوبي ) , وأريد أن أدرس الهندسة لأصبح مثل يحيى عياش وغيره من الأبطال مثل المسعف ( محمود زقوت ).
واصل الأطفال مسيرهم حتى وصلوا لبيتهم الثاني (المدرسة) , وجدوا المعلمة الرائعة خوله في انتظارهم , فبادرتهم قائلة :
المعلمة : السلام عليكم يا أحبائي ...
أجاب الأطفال بأصوات متداخلة : وعليكم السلام يا مس ...
المعلمة : أريد أن أبلغكم بأنكم قد حصلتم على أعلى علامة في التعبير , وأريد منكم أن تستأذنوا أهلكم أن تأتوا معي إلى جلسة قصصية لأحد كتاب قصص الأطفال .
خالد : شكرا يا مس , لقد فرحنا بهذه الدعوة وإن استطعنا سنلبيها .
وبعد انتهاء ذلك اليوم وقد كان يوم الخميس عاد الأطفال الثلاثة – احمد , وخالد وتوأمه لمى – إلى
المنزل مسرعين لأنه يوم سهرة عمهم بهاء .
أكل الأطفال الغداء ولبسوا ملابس الاحتفال بهناء , وذهبوا لبيت الجد ليستمعوا _للحداية_ .
وكان القمر قد غار من نور وجه بهاء ، وتهامست النجمات عن جمال ما أنشده _الحداية _ عن الوطن والمواطن , وتساجلوا في :الفلاحة والمدنية , والمتزوج والعزابي , والغني والفقير .
ثم عاد أهل القرية إلى منازلهم فرحين , برعاية رب العالمين , ونام الكل في انتظار العرس المشهود , الذي سيرعاه الواحد المعبود .
أتى يوم الجمعة المبارك , وذبحت للعرس الذبائح ، وانتشرت الروائح , وفي الليل الجميل , ومع هبوب الهواء العليل أقيم العرس , وعمت الأفراح القرية والأحياء , وشارك فيها جميع أهل القرية الأوفياء , وأسعدوا العريس بهاء .
وما أن جاء منتصف تلك الليلة حتى حاصر اليهود الحقلَ , وسرقوا الأبقار وقتلوا البغلة . فقرر الشباب القصاص , وأطلق اليهود عليهم الرصاص .وارتقى منهم الشهداء ليلاقوا وعد رب السماء, وكان منهم العريس بهاء .
نعم ذهبوا شهداء ليسطر لنا السطور بفداء الوطن بالصدور . بعدها بفترة ليست قصية , وجدوا لبهاء وصية , فقرأت على مسامع أهل القرية الشرفاء الذين حموها بأطهر الدماء , وكانت الوصية تقول :
أمي العزيزة ,زوجتي الغالية السلام عليكن وبعد ,
أنا أن تحققت أمنيتي الجميلة بالاستشهاد فأوصيكن بالحفاظ على الدين من بعدي وتربية الأولاد على ما تربيت عليه من حب الدين وحب الجهاد ليصبحوا نعم الحماة للوطن.
أمي العزيزة ,زوجتي الغالية السلام عليكن وبعد ,
أنا أن تحققت أمنيتي الجميلة بالاستشهاد فأوصيكن بالحفاظ على الدين من بعدي وتربية الأولاد على ما تربيت عليه من حب الدين وحب الجهاد ليصبحوا نعم الحماة للوطن .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
استشهد بهاء وذهب _بإذن الله_ للجنة , لينال أقصى ما يتمنى , ذهب ليتنعم بالسندس والتسنيم , ويخدمه بعض الولدان المخلدين .وضع بهاء بصمته في البطولة والفداء , وهكذا تكون النهايات ولا نامت أعين الجبناء.