يقول تعالى في الآيات من سورة عبس : { عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى * أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى * وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى * وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى * فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى }
شرح الألفاظ:
عبس: قصب وجهه
تولى: أعرض بوجهه
يزكى: يتطهر من الإثم
الذكرى: الموعظة
استغنى: صرفه غناه عن سماع الهداية
تصدى: تتعرض له وتقبل عليه .
الحكاية :
تذكر هذه الآيات حادثاً معين جرى بين النبي وبين الصحابي الأعمى الفقير وهو عبد الله بن أم مكتوم حيث أقبل على النبي وهو مشغول مع كبراء قريش في مكة يدعوهم إلى الإسلام فقال ابن أم مكتوم: يا رسول الله اقرئني وعلمني مما علمك الله وكررّ ذلك وهو لا يعلم بانشغال النبي فانزعج النبي وعبس وأعرض عنه فجاءت الآيات (عَبَسَ وَتَوَلَّى) و المقصود هنا هو النبي ( أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى) أي إذ جاءه الأعمى (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى) أي وما يعلمك يا محمد لعل هذا الأعمى يتطهر من ذنوبه (أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى) أو يتعظ بما يسمع منك فتنفعه موعظتك (أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى) أي كفار قريش الذين استغنوا عن الإيمان(فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى) أي تتعرض لهم بإرشادهم (وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى) ليس عليك حرج في ألا يؤمنوا (وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى * وَهُوَ يَخْشَى) و أما عبد الله الذي جاءك مسرعاً في طلب الخير( فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى) تعرض عنه وتتشاغل بغيره فالنبي لم يمتنع عن تعليم الأعمى ولكنه رأى أن الأصلح هو نشر الدعوة الإسلامية ولكن الله أراد ن يلغي امتيازات الأشراف فضعف ذاك الأعمى لا يعد سبباً للعبوس في وجهه مع أنه لا يعلم بالأمر لأنه لا يرى ولكن عتاب الله لنبيه هو تعليم للمسلمين و أمرٌ لهم بتعليم العميان كما أن في هذه القصة دلالة على أنّ القرآن وحيٌ إلهي فلو كان القرآن من تأليف الرسول لما سمح أن يُعرض ما عوتب به على أنظار الناس.