يقول تعالى في سورة الضحى: { وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا
وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى * وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى * أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى * وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى * فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ * وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ * وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ }
شرح الألفاظ:
الضحى: حين تطلع الشمس فيصفو ضوؤها
سجى: سكن باستقرار ظلامه قلى: أبغض وكره
عائلاً: فقير
الحكاية:
بطأ الوحي الإلهي وانقطع مدة من الزمن نحو 25 يوماً حتى شعر النبي بالحزن وقال أعداؤه: قد قلاه ربه وودعه أي أبغضه وتركه فأنزل الله هذه السورة تواسي النبي وترد على افتراء أعدائه.
فيأتي قوله تعالى: ( وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى) أقسم الله بالضحى و الليل إذا سكن إشارة إلى أنّها من عظيم آياته وهنا يشبه الله نزول الوحي عليه بمنزلة الضحى إذا أضاء وانقطاعه بمنزلة الليل إذا أظلم فهما يتعاقبان دون اختلال وكذلك الوحي وبعد هذا الإيحاء المستمد من الكون يجيء خطاب النبي بأن الله ما تركه و لا أبغضه بل إنّ له في الآخرة جزاءً خير مما أعطاه في الدنيا فيقول تعالى: (مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى * وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) ثم يعدد الله نعمه على النبي فيقول: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى) فعندما يُتِّم النبي جعل الله له من يحنو عليه فكفله جده ثم عمه وقوله
وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ) وجدك ضالاً غافلاً لا تقنعه معتقدات قومه فهداه الله إلى منهج الحق بواسطة الوحي وقوله
وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى) أي وجدك فقيراً فأغناك فالنبي كان فقيراً فأغناه الله بما ربحه في التجارة و بما وهبته له زوجته خديجة من مالها .
وكما رعاه الله يتيماً أمره ونهاه عن قهر اليتيم فقال
فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ) و أمره بالتلطف مع السائل فقال: (وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ) و أخيراً خاطب الله نبيه بقوله: (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) و النعمة هنا مراد بها ما تقدّم ذكره من نعمة الإيواء و الهداية و الإغناء و التحدث بالنعمة المقصود به بذل المال و الإعانة وليس مجرد ذكرها فهذا من التفاخر الذي نهى الله عنه.