يقول تعالى في سورة الممتحنة : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }
الحكاية:
نزلت هذه الآية بعد صُلح الحديبية وقد كان من بنود الصلح أنّ من يأتي من الكفار إلى المسلمين مسلماً يُرد إلى الكفار فجاءت هذه الآيات تبين حكم النساء لأنّ البند المتفق عليه لا يشمل النساء فيقول تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ } فيأمر الله باختبار المؤمنات اللائي هاجرن إلى المدينة وكان ذلك الاختبار يحصل بأن يحلفن بالله على أنهنّ ما تركن مكة ولا هاجرن إلى المدينة إلا رغبة في الإسلام.
(فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) فإن تأكد إيمانهنّ فلا يصح أن تُرد المهاجرة المؤمنة إلى زوجها الكافر لأنها لا تحل له بعد إيمانها ولا هو يحل لها لكفره (وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا) أي أعطوا الأزواج الكفار الذين فارقتهم أزواجهم ما سبق أن قدموه من المهور لهؤلاء المؤمنات المهاجرات (وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ) أي لا تتمسكوا بعقود الزواج التي بينكم وبين زوجاتكم الكافرات بل فارقوهنّ والكوافر جمع كافرة ولهذا طلّق الصحابة بعد نزول هذه الآية زوجاتهم الكافرات اللاتي بقين على الكفر بمكة و المراد بقوله تعالى: ِ( وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا) أي من ذهبت من المسلمات مرتدة إلى الكفار يأخذ زوجها المسلم المهر الذي دفعه لها من الكفار و إن أسلمت الكافرة وجاءت إلى المسلمين ردوا مهرها لزوجها الكافر. ثم يقول تعالى : (ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) أي ذلكم الذي ذُكر هو حكم الله فاتبعوه والله عليم بأحوالكم حكيم في تشريعه.